في العصر الحديث، ومع ثورة تكنولجيا الاتصال والتواصل والانتشار الكبير لتطبيقات التواصل الاجتماعي ، أبدى المختصين وكثير من علماء تَخَوّفهم مِنْ استخدام هذه الوسائل في ثلاثة اتجاهات، هي نَشر المعلومات المُضلِّلة، والاستقطابات السياسيّة، والتاثير علي علاقات البلدان والشعوب ،وذلك عبر الاستخدام السالب لوسائل التواصل الاجتماعي والتي اصبحت، سبباً في زعزعة الفكر الواعي، وإغلاق أبواب النقاش البنّاء، ونشر التفاهة ، والتاثير علي علاقات المجتمعات
وإن كنّا نَعيش اليوم عَصر منصّات التواصل الاجتماعي، حيثُ الأفق المُتحرر، والفضاء الرَّحِب، والسرعة في نشرِ الآراء والمعتقدات والقناعات، الا ان تلك المساحات لم تسهم في نقل الحقيقة كاملة ضمن الحدود الأخلاقيّة والمصداقية والموثوقية في الدعاية والنشر، ضمن المعايير الحقيقية في نقل الصورة وتثبيت الخبر وتخضع في كثير من الاحيان للتشويه والتّضليل.
واثبتت العديد من الدراسات الحديثة أنّ المعلومات المضلّلة يجري تناقلها بسرعة مُذهلة في منصّات التواصل الاجتماعي، والفضل في ذلك لا يعود إلى تلك الوسائل فحسب، وإنما إلى العقول التي خَطَّطَت وصَنَعَت ونَشَرَت أيضاً.
علي الرغم من إنَّ الوسائل التكنولوجية الحديثة، تَسمح للأفراد والتيّارات ببثّ معلوماتهم أو نشر افكارهم بسهولة، إلا أنَّ هذه التكنولوجيا في الوقت نفسه قد تكون منصّات لجهات مُتطرفة تسعى إلى نشر الافكار التي تتنافي والقوانين الدولية مثل الارهاب او الاتجار بالبشر او الترويج لهدم المجتمعات ، اوالتروّج لمصالح سياسية أو حزبية ، او التاثير علي علاقات البلدان .
والإشاعة الكاذبة أو الأخبار الزائفة هي صورة مِن صور المعلومات المُضللة، وتنشأ قوتها من النقل الاجتماعي نفسه، والتي تهدف بصورة أو بأخرى إلى نشر الخداع. ومهما كانت نيّة الناشر، مقصودة أو غير مقصودة، فإنَّ التأكّد منها وإثبات صحة النصّ المُضَلّل من عَدَمه، يبقى في كثير من الأحيان أكثر صعوبةً وتعقيداً، فالأخبار المزيَّفة عندما يتمّ تسريبها في مواقع التواصل الاجتماعي، تترك تأثيراً مباشراً في النتائج السياسية والعلاقات الرسمية والاجتماعية بين الاطراف المختلفة، من خلال تزييف الوقائع، وزعزعة الثقة بين الاطراف، وهي وسيلة لإنتاج مجتمع مُضطرب ومُنفصل ومُستقطب في اتجاهات مختلفة ، الأمر الذي يجعل كَشفَ الحقائق أمراً صعباً، ومستحيلاً في بعض الاحيان.
إنَّ الاعتماد على الإشاعة في تضليل الرأي وزيادة الهوة بين المجتمعات والكيانات ، وخصوصاً في المنافسات السياسية، ومن خلال منصات الناشطين او السياسين، أصبح وسيلة فاعلة في زيادة الاستقطاب السياسي ضد الخصوم. وقد يتعدّى الأمر إلى ما هو أخطر من ذلك، فقد تعمل الإشاعات على تعميق حالة الفوضى، وتشويه الصورة الحقيقية ، الأمر الذي قد يخلط الصورة الصادقة مع الصورة الكاذبة، ويُعقّد المَشهد، لتكون النتيجة بروز طبقات سياسية لا تُمثل في الحقيقة واقع الأغلبية الجماهيرية ومتطلّباتها، ويؤثر ذلك سلبا حتي علي العلاقات الدولية .
ونجد ان علاقات السودان الخارجية تأثرت كثيرا بسبب التداول السالب في منصات التواصل الاجتماعي ، ويمتد التأثير مباشرة من كونه محتوي متداول لينطلي ذلك علي العلاقات بين الشعوب من النواحي الاجتماعية او الكيانات الاقتصادية وصولا الي العلاقات بين الحكومات .
واغلب مطلقي الشائعات الموجهة ضد علاقات السودان الخارجية يقصدون بذلك اصطفاف واستقطاب العامة لصالح مواقفهم وتحويل الراي العام لادوات في معاركهم السياسية في ظل غياب الوعي
وفيما يلي نتناول نتائج دراسة تحليلية اجراها مركز مكافحة الشائعات حول الإشاعات المتداولة عبر وسائل التواصل الاجتماعي والموجهة ضد علاقات السودانية الخارجية (قياسا علي عدد من الدول ذات المصالح المشتركة )
البلد | خط الشائعة | تصنيف مروجي الشائعة |
امريكا | سياسي / عسكري / اقتصادي | منتمين لاحزاب سياسية + اقلام صفراء |
روسيا | سياسي/ عسكري / اقتصادي | منتمين لاحزاب سياسية+ اقلام صفراء |
مصر | سياسي/ اقتصادي/ اجتماعي | كيانات اجتماعية + منتمين لاحزاب سياسية |
ليبيا | عسكري / اقتصادي / اجتماعي | مجموعات نشطة في الجريمة المنظمة والاتجار بالبشر |
الامارات | سياسي/ اقتصادي | منتمين لاحزاب سياسية + اقلام صفراء |
السعودية | اقتصادي / اجتماعي / سياسي | منتمين لاحزاب سياسية |
جنوب السودان | اجتماعي / اقتصادي/ عسكري | مناطق التماس |
تشاد | اقتصادي/ اجتماعي / سياسي | مناطق التماس |
اثيوبيا | اقتصادي / اجتماعي | اقلام صفراء + مناطق تماس + منتمين لاحزاب سياسية |
ارتريا | سياسي / اجتماعي | منتمين لاحزاب سياسية + مناطق تماس |
خلاصة الدراسة :
- انتشار الشائعات له تاثير علي المدي القريب والبعيد في العلاقات الخارجية السودانية
- تركز الشائعات بشكل مباشر علي ضرب العلاقات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والامنية للسودان مع جيرانه وحلفائه مما يسهم ذلك في تضييق فرص عودة السودان لحاضنة المجتمع الدولي
- · تعمل الشائعة ضد العلاقات الخارجية علي ارباك متخذي القرار من التعامل مع المجتمع الدولي وتقزيم ادوارهم
- يتحول الداخل السوداني لساحة معركة بين خصوم مختلفين ممايؤثر سلبا علي انجاح اي محاولات لتوحيد الصف الوطني
- العلاقات الدولية تبني علي التحالفات والمصالح المشتركة وتتعرض هذه العلاقات لهشاشة مستمرة بسبب الشائعات
- مروجي الشائعات تم تصنيفهم حسب الدراسة انهم اما منتمين لاحزاب سياسية او كيانات اجتماعية او اقلام صفراء ويقصد بهم صانعي المحتوي الكاذب والمضلل .
التوصيات :
- تبصير الراي العام باهمية علاقات السودان الخارجية وعدم المساس بها .
- تفعيل القوانيين ضد مروجي الشائعات .
- تعزيز العلاقات بين السودان وبلدان العالم عبر الاطر القانونية بما يدعم المصالح المشتركة بين السودان ودول المنطقة والعالم .